نتابع دروس سلسلة مصطلح الحديث
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أفضل الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
· الحديث المتروك:
هو كالحديث الموضوع مردود للطعن في الراوي، والتكلم فيه من ناحية عدالته ودينه، ومن ناحية ضبطه وحفظه وتيقظه.
المتروك: اسم مفعول من "التَّركِ"، وهو: المرتحل عنه، والمفَارق رغبة عنه، تركت المنزل تركا، أي: رحلت عنه، وتركت الرجل: فارقته، وتسمي العرب البيضة بعد أن يخرج منها الفرخ: "التَّرِيكة" أي متروكة لا فائدة منها.
اصطلاحا: هو الحديث الذي في إسناده راو متهم بالكذب.
إذا كان في الإسناد راو كذاب، نقول: حديث موضوع. أما إذا كان في الإسناد راو متهم بالكذب، نقول: حديث متروك.
ما هي أسباب اتهام الراوي بالكذب؟
أولا: أن لا يُروي ذلك الحديث إلا من جهته، ويكون مخالفاً للقواعد المعلومة؛ أي: مخالفا للكتاب، للسنة الصحيحة الواضحة البينة، وهكذا.
ثانيا: أن يُعْرَف بالكذب في كلامه العادي لكن لم يظهر منه الكذب في حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
مثاله: عن الجارود بن يزيد النيسابوري عن بهز عن أبيه عن جده، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "إذا قال لامرأته أنت طالق إلى سنة، إن شاء الله، فلا حنث عليه".
الجارود كذبه أبو أسامة، وغير واحد، وقال أبو داود: غير ثقة، وقال النسائي والدراقطني: متروك.
· الحديث المنكر:
إذا كان سبب الطعن في الراوي فحش الغلط أو كثرة الغفلة أو الفسق، فحديثه يسمي المنكر.
المنكر لغة: هو اسم مفعول من "الإنكار"، ضد الإقرار.
اصطلاحاً: عرف علماء الحديث المنكر بتعريفات متعددة أشهرها تعريفان، وهما:
1- هو الحديث الذي في إسناده راو فَحُشَ غلطُه، أو كثرت غفلته، أو ظهر فسقه. وهذا التعريف ذكره الحافظ ابن حجر ونسبه لغيره.ومشى على هذا التعريف البيقوني في منظومته، فقال:
ومنكر الفرد به راو غدا تعديله لا يحمل التفردا
2- هو ما رواه الضعيف مخالفاً لما رواه الثقة.
وذكرنا أن الشاذ: ما رواه الثقة مخالفا للأوثق منه. هنا: الضعيف مخالف للثقة، فيسمى منكرا.
ما الفرق بين الشاذ والمنكر؟
أ) أن الشاذ ما رواه المقبول مخالفاً لمن هو أولى منه. أي: ثقة خالف من هو أوثق منه.
ب) أن المنكر ما رواه الضعيف مخالفاً للثقة.
فيُعْلَم من هذا أنهما يشتركان في اشتراط المخالفة، ويفترقان في أن الشاذ رَاوِيه مقبول، والمنكر راويه ضعيف.
مثال المتروك:
مثال للتعريف الأول: قال الترمذي: حدثنا الفضل بن الصباح البغدادي، حدثنا سعيد بن زكريا عن عنبسة بن عبد الرحمن عن محمد بن زاذان عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: "السلام قبل الكلام".
قال الترمذي: هذا حديث منكر، لا نعرفه -إلا من هذا الوجه، وسمعت محمدا -يعني البخاري- يقول: عنبسة بن عبد الرحمن ضعيف في الحديث، ذاهب، ومحمد بن زاذان منكر الحديث.
مثال للتعريف الثاني: ما رواه ابن أبي حاتم من طريق حُبيب بن حَبِيب الزيات عن أبي إسحاق السبيعي عن العيزار بن حُرَيْث عن ابن عباس عن النبي، صلي الله عليه وسلم، قال: "من أقام الصلاة، وآتى الزكاة، وحج البيت، وصام وقَرَى الضيف دخل الجنة".
قال أبو حاتم: هو منكر لأن غيره من الثقات رواه عن أبي إسحاق موقوفاً، وهو الصحيح.
حكم المنكر:هو نوع من أنواع الضعيف، ولا يُحتج به.
والحمد لله رب العالمين