عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن - وأعوذ بالله أن تدركوهن - : لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم ، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم)) [رواه ابن ماجة وصححه الألباني في الصحيحة].
فالنبي صلى الله عليه وسلم يذكر لنا خمسة أمراض اجتماعية مع ذكر أسبابها ونتائجها :
فالمرض الأول هو الزنى: وهو اتصال بين الذكر والأنثى بدون عقد شرعي أو بوجود خلل في شروط هذا العقد الصحيح .
والزنى أنواع : فمنه زنى البصر ومنه زنى السمع وزنى اللمس وزنى الشم وأبلغه زنى الفرج .
وعالج الإسلام هذا المرض فحرم الأسباب المؤدية له ، من ذلك : حرم الخلوة بالمرأة الأجنبية ، وحرم السفور والتبرج ، وحرم كذلك خروج المرأة من بيتها إلا بإذن زوجها، وأمر أيضا المؤمنين والمؤمنات بغض البصر ، ولكن تنكر البعض للشريعة وتشبه البعض بالشرق والغرب جعلهم يسقطون في الهاوية وتكثر الأمراض عندهم كالإيدز والهربس والسيلان ..الخ.
أما المرض الثاني فهو تطفيف الميزان والمكيال: فتوعد الله المطففين بالعذاب الأليم قال تعالى: ((ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين)) ، فهذا المطفف الذي استحل أموال الناس بالباطل نزعت منه الرحمة ، فلذلك حث الإسلام أتباعه على الأمانة في البيع والشراء.
والمرض الثالث الذي يجلب سخط الله عز وجل منع الزكاة : فالزكاة حق المال ، وهي النظام الاقتصادي في الإسلام ، استطاع الإسلام بهذا النظام أن يقضي على الفقر في عصر من العصور حينما كانت شريعة الله حاكمة ، فروي أن جباة الزكاة كتبوا لعمر بن عبد العزيز رحمه الله أننا جمعنا زكاة شمالي أفريقيا ولم نجد من يأخذها ، فكتب لهم أن اشتروا أرقاء وأعتقوهم لوجه الله. فلذلك كانت الطامة الكبرى: منع الرب تبارك وتعالى عنهم القطر من السماء وأصابهم بالسنين ولولا الرحمة بالبهائم لم يسق فاسقا شربة ماء.
والمرض الرابع وهو نقض العقد والميثاق: وهذا الداء مرض خطير يستوجب غضب الله عز وجل فالإنسان الذي ينقض عهد الله وميثاقه يخرج عن العبودية لله (( ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا)) فعلى المسلم أداء الأمانة والوفاء بالعهد والميثاق واتباع نهج الله ورسوله .
وأما المرض الخطير الخامس وهو جامع لكل معصية ورزية ، وسبب لكل فتنة ومحنة في دنيا المسلمين ، فالحكم بغير ما أنزل الله وعدم الانقياد لشرعه هو سبب مشاكل العالم ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلا جعل الله بأسهم بينهم)) ونسأل الله أن يوفق ولاة أمورنا وحكامنا إلى الحكم بما أنزل الله وأن يهديهم إلى ما فيه الخير وإلى ما يحبه ويرضاه قال تعالى (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم إن الله لقوي عزيز)).