بسم الله
تربية الأولاد كما يراها القرآن
لا شك أن القرآن قد اشتمل على جميع طرق الهداية للعالمين، فمن شاء اهتدى ومن شاء كان من الذين في طغيانهم يعمهون. والقرآن يعتني بهداية الإنسان منذ طفولته بل من قبل وجوده، ولذلك يحث الآباء على الدعاء بالولد الصالح، ويأمرهم بالاقتداء بالأنبياء والصالحين في تربية أولادهم.
وقد قص علينا القرآن الكريم بعضاً من سير الأنبياء والصالحين في تربية أولادهم وأهليهم، مثل إبراهيم وإسماعيل ويعقوب ولقمان - عليهم السلام - وغيرهم.
• أما إبراهيم - عليه السلام - فقد دعا الله أن يرزقه من الصالحين، فقال - تعالى - على لسان إبراهيم: (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ)[الصافات: 100].
وبعد ما استجاب الله له ورزقه إسماعيل وإسحاق - عليهما السلام -، قام بتربيتهما بأحسن أساليب التربية، وأنبتهما نباتاً حسناً، حتى اختارهما الله للنبوة، وجعل الله في ذرية إبراهيم النبوة والكتاب بعد نوح - عليه السلام -،
فأكثر الأنبياء من صلب إسحاق - عليه السلام -، وسيد الأنبياء والمرسلين من صلب إسماعيل - عليه السلام -.
وقصة رؤيا إبراهيم تدل على أن إبراهيم - عليه السلام - جعل ابنه إسماعيل - عليه السلام - طائعا صابرا بحيث لا يسعه إلا التسليم لأمر الله ولو أمر الله بذبحه، يقول الله - تعالى - في القرآن: (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)[الصافات: 102].
هل هناك تربية أعظم من هذه التربية إذ يعرض على ابنه رؤياه التي يأمر الله فيها بذبحه، فلا يقول هذا الابن الصابر كيف تذبحني يا أبي، بل يسلم الأمر إلى الله ويقول يا أبي افعل ما يأمرك الله به، لا شك أن وراء هذا الاستسلام تربية عظيمة ناصحة قيمة.
• وأما ما قص الله علينا من تربية إسماعيل - عليه السلام - لأهله وأولاده، فكما قال - تعالى -: (وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة)[مريم: 55]. فالأمر بالصلاة والزكاة مهم جداً في التربية، لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وتزكي الإنسان من الدنس والخطايا، كما أن الصلاة سبب لطهارة جسم الإنسان ولباسه وبيته، والزكاة تطهر مال الإنسان وتنميه حتى يكون حلالاً طيبا، ثم يتغذى بالحلال وينبت به نباتاً حسناً، حتى إذا عمل صالحاً تقبل الله منه، وإذا دعا الله استجاب له.
• وأما يعقوب - عليه السلام - فيتعهد أولاده في الرمق الأخير كما قص الله - تعالى -: (أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)[البقرة: 133].
تدل هذه الآية على أن يعقوب - عليه السلام - كان حريصاً شدة الحرص على تربية أولادهم، لأنه يوصي أولاده في اللحظة الأخيرة بتوحيد الله ولم يوص بماله ولا بشيء آخر.
ولو تدبرنا سورة يوسف لوجدنا فيها أساليب ممتازة للتربية، ولهذا ما فشل نبينا يعقوب - عليه السلام - في تربية أولاده، وإن كان أبناؤه قد دخل في قلوبهم الحسد ليوسف في البداية، لكنهم تابوا من ذلك واستغفروا الله، فغفر الله لهم، وسامحهم أبوهم وأخوهم يوسف أيضاً.
وبما أن القصة طويلة فأقتصر على ذكر بعض جوانب التربية من القصة.
صدق الله - تعالى - إذ قال: (لَّقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِّلسَّائِلِينَ)[يوسف: 7]. فهي آيات ودروس ومعان عظيمة. ثم أكد الله - سبحانه وتعالى - إلى أهمية هذه الدروس والمعاني عند وصفه إياها بأنها (عبرة) في قوله - تعالى -: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْه ِوَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْم ٍيُؤْمِنُونَ)[يوسف: 111]
من أهم الدروس التربوية التي أشارت إليها هذه السورة ما يلي:
1- العلاقة القوية بين الأب والابن: وهذا ما نلمسه حقيقة في العلاقة القوية التي تربط الأب (يعقوب - عليه السلام -) مع ابنه الصغير (يوسف عليه السلام)، والتي تصل قوتها إلى درجة أن يخبر الطفل والده بكل شيء يحدث له، حتى على مستوى الرؤى والأحلام التي يراها الصغير في منامه، كما قال - تعالى -: (إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ)[يوسف: 4].
وهذه العلاقة تفتح آفاق الحوار بين الأب والابن، مما يعني إطلاع الأب على كل المستجدات التي تطرأ في حياة ابنه، بحيث تسهل له علمية التعامل مع هذه المستجدات بحسب طبيعتها في الوقت المناسب.
2- الأخذ بالحيطة والحذر من كيد الأعداء: يقول - تعالى -: (قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ)[يوسف: 5].
فما كل إنسان يمكن لك أن تبوح له بكل ما في نفسك، وما كل شخص يضمر لك الخير. وهذا ما دفع يعقوب - عليه السلام - ليغرس في ابنه هذه المسألة وهو أن يتحلى بشيء من الحيطة والحذر، ويتجنب عن السذاجة.
3- توجيهات الأب في بناء مستقبل أولاده وتنمية طموحاتهم: وهذا يستفاد من قوله - تعالى -: (وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)[يوسف: 6]. فيحرص الأب (يعقوب - عليه السلام -) على بناء مستقبل ابنه (يوسف) فهو الأب الناجح الذي يتلمس مواهب ابنه، ويستكشف تلك التي تكمن في نفس ابنه، ثم يسعى بعد ذلك لتنميتها ومساعدة ابنه للوصول إليها، ويزرع فيه الهمة العالية، والغاية النبيلة ليكون علماً، ومصلحاً، ونافعاً في مجتمعه، ليواصل بذلك مسيرة المصلحين.
4- العدل بين الأولاد: حتى تسلم الأسرة من الغيرة والحسد والعقوق: قال - تعالى -: (إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ)[يوسف: 8-9]. فلا نظن أن يعقوب - عليه السلام - لم يعدل بين أبنائه، ولكن حب بعض الولد عن البعض الآخر فطرة لا يستطيع أن يقاومها الأب لأسباب مختلفة، وهذا الذي حصل مع يعقوب - عليه السلام -، والتمس أبناؤه حبه الزائد ليوسف وأخيه بنيامين فوقع في قلوبهم الحسد تجاه الأخوين.
فينبغي للأب أن يكتم الحب الزائد لبعض أولاده، ولتكن معاملته الظاهرة سواء بين أبنائه، إذا أراد أن ينتزع داء الحسد من بينهم، وأن يزرع المحبة والألفة تجاه بعضهم البعض، وبذلك تسلم أسرته من الغيرة والحسد والعقوق.
5- ضرورة اللعب للأطفال: فاللعب ضرورة تربوية، ولم يسمح يعقوب - عليه السلام - ابنه يوسف بالخروج مع إخوانه إلا لهذا الغرض كما قال - تعالى -: (قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا لَكَ لاَ تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ * أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)[يوسف: 11-12].
ومن هنا نرى أهمية لعب الصغير، فهو المجال الذي يبني فيه جسمه، ويمتع به روحه، ويغذي به نفسه فهو خير كله، وهو مطلب نبوي كذلك.
أما لقمان - عليه السلام - فقد قص الله علينا من وصاياه لابنه التي فيها توجيهات تربوية عظيمة في شتى مجالات الحياة، وهي كما يلي:
1- التحذير من الإشراك: فهذا أول ما بدأ به لقمان في وصيته لابنه كما قال - تعالى -: (وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)[لقمان: 13].
فينبغي للأب أن يربي أولاده على التوحيد والتحذير من الشرك. قال ابن عاشور في تفسير هذه الآية: "ابتدأ لقمان موعظة ابنه بطلب إقلاعه عن الشرك بالله لأن النفس المعرضة للتزكية والكمال يجب أن يقدم لها قبل ذلك تخليتها عن مبادئ الفساد والضلال، فإن إصلاح الاعتقاد أصل الإصلاح العمل. وكان أصل فساد الاعتقاد أحد أمرين هما الدهرية والإشراك، فكان قوله: (لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ) يفيد إثبات وجود إله وإبطال أن يكون له شريك في إلهيته"[10].
2- الأمر ببر الوالدين: وهذا يستفاد من قوله - تعالى -: (وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا)[لقمان: 14-15]. فالأولاد إذا فهموا أهمية بر الوالدين ثم أطاعوهما، ستكون التربية ناجحة إن شاء الله.
3- الشكر لله: هذا يؤخذ من نفس الآية السابقة من قوله "أن اشكر لي". والتربية على الشكر مهمة، لأن الذي لا يشكر الله، لا يقتنع بشيء من الأمور، وتكون حياته مليئة بالهموم والغموم.
4- مراقبة الله لأنه عليم بخفيات الأمور: يدل عليه قوله - تعالى -: (يا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ)[لقمان: 16]. كما يستفاد من هذه الآية الإيمان بالغيب.
5- إقامة الصلاة: كما قال - تعالى -: (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُور)[لقمان: 17].
يقول ابن عاشور: انتقل من تعليمه أصول العقيدة إلى تعليمه أصول الأعمال الصالحة فابتدأها بإقامة الصلاة، والصلاة التوجه إلى الله بالخضوع والتسبيح والدعاء في أوقات معينة في الشريعة التي يدين بها لقمان، والصلاة عماد الأعمال لاشتمالها على الاعتراف بطاعة الله وطلب الاهتداء للعمل الصالح[11].
6- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: وهذا منصوص عليه في الآية المذكورة آنفاً، قال ابن عاشور: وشمل الأمر بالمعروف الإتيان بالأعمال الصالحة كلها على وجه الإجمال ليتطلب بيانه في تضاعيف وصايا أبيه كما شمل النهي عن المنكر اجتناب الأعمال السيئة كذلك. والأمر بأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يقتضي إتيان الأمر وانتهاءه في نفسه لأن الذي يأمر بفعل الخير وينهى عن فعل الشر يعلم ما في الأعمال من خير وشر، ومصالح ومفاسد، فلا جرم أن يتوقاها في نفسه بالأولوية من أمره الناس ونهيه إياهم. فهذه كلمة جامعة من الحكمة والتقوى إذ جمع لابنه الإرشاد إلى فعله الخير وبثه في الناس وكفه عن الشر وزجره الناس عن ارتكابه[12].
ويقول الشعراوي: إنما من الإيمان ومن كمال الإيمان أنْ تحب لأخيك ما تحب لنفسك، فيقول له: (وَأْمُرْ بالمعروف وانه عَنِ المنكر..)[لقمان: 17] فانشغل بعد كمالك بإقامة الصلاة، بأنْ تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، فبالصلاة كَمُلْتَ في ذاتك، وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنقل الكمال إلى الغير، وفي ذلك كمال الإيمان. وأنت حين تأمر بالمعروف، وحين تنهى عن المنكر لا تظن أنك تتصدَّق على الآخرين، إنما تؤدي عملاً يعود نفعه عليك، فبه تجد سعة الراحة في الإيمان، وتجد الطمأنينة والراحة الذاتية؛ لأنك أديْتَ التكاليف في حين قصرَّ غيرك وتخاذل.
ولا شك أن في التزام غيرك وفي سيره على منهج الله راحة لك أنت أيضاً، وإلا فالمجتمع كله يَشْقى بهذه الفئة القليلة الخارجة عن منهج الله[13].
7- الصبر: يقول لقمان لابنه: (اصبر على ما أصابك) كما في الآية السابقة. والتربية على الصبر أمر عظيم، يقول ابن عاشور: ثم أعقب ذلك بأن أمره بالصبر على ما يصيبه. ووجه تعقيب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بملازمة الصبر أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قد يجران للقائم بهما معاداة من بعض الناس أو أذى من بعض فإذا لم يصبر على ما يصيبه من جراء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو شك أن يتركهما. ولما كانت فائدة الصبر عائدة على الصابر بالأجر العظيم عد الصبر هنا في عداد الأعمال القاصرة على صاحبها ولم يلتفت إلى ما في تحمل أذى الناس من حسن المعاملة معهم حتى يذكر الصبر مع قوله: (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ)[لقمان: 18] لأن ذلك ليس هو المقصود الأول من الأمر بالصبر[14].
8- التحذير من الكبر والعجب: فمن وصايا لقمان لابنه اجتناب الكبر والعجب، كما قال - تعالى -: (وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)[لقمان: 18]. يعلم لقمان ابنه الآداب في معاملة الناس فينهاه عن احتقار الناس وعن التفخر عليهم، وهذا يقتضي أمره بإظهار مساواته مع الناس وعد نفسه كواحد منهم.
9- الأمر بالقصد في المشي والكلام: وهذا من سمات المتواضعين، قال - تعالى -: (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِير)[لقمان: 19].
يقول ابن عاشور في تفسير هذه الآية: بعد أن بين له آداب حسن المعاملة مع الناس قفاها بحسن الآداب في حالته الخاصة، وتلك حالتا المشي والتكلم، وهما أظهر ما يلوح على المرء من آدابه.
والقصد: الوسط العدل بين طرفين، فالقصد في المشي هو أن يكون بين طرف التبختر وطرف الدبيب ويقال: قصد في مشيه. فمعنى (اقْصِدْ فِي مَشْيِكَ) ارتكب القصد [15].
فهذه وصايا عظيمة وتوجيهات تربوية غالية من الأب لأبنه، ينبغي لكل أب أن يحفظها ويربي أولاده عليها.
وهناك آيات أخرى في تربية الأولاد مثل قصة زكريا مع مريم - عليهما السلام -، وقصة أم موسى مع موسى وغير ذلك تركتها خشية الطول.
وأخيراً: أدعو الله - عز وجل - أن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن يجعل أولادنا صالحين، عاملين بالكتاب والسنة، وأن يهدي الآباء الذين يهملون في تربية أولادهم أو يربون أولادهم على منهج الكفار والغرب-آمين-. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.