بسم الله
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون }
{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تسآءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا}
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً }
أما بعد ... فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار،
أهم الأعذار التي يتعذر بها البعض لتكاسله في الحفظ
١- الاعتذار بكثرة المشاغل سواء كانت مشاغل الوظيفة أو الأهل أو نحو ذلك ولا شك أن الناس جميعاً في انشغالات لا تنتهي!
لكن شتان بين من ينشغل بالدنيا وبين من ينشغل بالآخرة
ولنا في النبي ﷺ أعظم القدوة ، فهو القائد والإمام ورب الأسرة والمربي والعابد الزاهد ولم يمنعه كل ذلك صلى الله عليه وسلم من إعطاء كل ذي حق حقه
فالحل لمثل هذا الأمر يكمن في تنسيق وتنظيم الوقت، فلا يُطغي جانب الدنيا على الآخرة ويحاول أن يستغل وقت الفجر لذلك ففيه البركة ، ثم لو علم الإنسان عظمة كلام الله عز وجل حق العلم لاستحى أن يُعطيه فاضل وقته ، واستحى أن يخصص أفضل أوقاته لغير القران
وتذكر: "بوركت لأمتي في بكورها"
٢- الاعتذار بطلب العلم، وهذا لا شك أمر مردود لأن كتاب الله أول ما ينبغي على طالب العلم الإقبال عليه
وقد ذكرنا أقوال العلماء في ذلك في المحور الآخر:
قال الخطيب البغدادي: والعلم كالبحار المتعذر كيلها والمعادن التي لا ينقطع نيلها فاشتغل بالمهم منه فإنه من شغل نفسه بغير المهم أضـر بالمهم
فاحرص يا أخي على البدء بكتاب الله حفظاً وتفهماً ، ولا بأس مع تنظيم الوقت المذكور آنفاً أن تأخذ من العلوم بعد ذلك ما أردت
٣- الاعتذار بتفلّت القرآن ونسيانه ، وهذا مدخل شيطاني خطير والدليل على ذلك أنه يعالج الداء بداء آخر فيعالج النسيان بترك الحفظ والمراجعة
وهل الانقطاع سيذكرك ما نسيت أو يزيد في حفظك ؟!
والنبي ﷺ قد أخبرنا بهذه الحقيقة أي أن القرآن شديد التفلّت لكنه أرشدنا إلى الحل الأمثل ( تعاهدوا القرآن.... )
والتعاهد هو كثرة المراجعة ، ولا شك أن المتعاهد للقرآن سينشط بعد ذلك في مواصلة الحفظ .
ولعل في ذلك حِكَماً منها الامتحان لقلوب العباد لكي يتميز القلب المتعلق بالقرآن المواظب على تلاوته والقلب الذي تعلّق به وقت الحفظ فقط وفتر بعد إتمام حفظه.
ولعل من الحِكَم أيضا أن خشية النسيان تدفعك إلى الحرص على التلاوة ليزيد أجرك عند ربك ، ولو أنه حفظ فلم ينس لما احتاج إلى كثرة التلاوة ، وتذكر أنك بقراءة كل حرف ستحصل على عشر حسنات ، والعشرة تتضاعف.
علاج النسيان:
- الدعاء
- اخلاص النية
- الإتيان باوامره واجتناب نواهيه
- تحسين الصوت
- اجعل لك مقدارا ثابتا من المراجعة اليومية لا يتزحزح حتى في أصعب الظروف
واحذر:
- العجب والكبرياء
- اكل الحرام والمتشابه
- الاستهزاء بالاخرين ممن لا يحفظ او لا يعرف يقرأ
- المعاصي خصوصا الغناء والنظر المحرم
٤- التعذر بالتقدم في السن:
سؤال: هل يعقل أنه اذا تقدمت في السن أن عقلك لا يستطيع حفظ القران بينما في الأمور الأخرى في الحياة فعقلك على وضعه، وتدبر الأمور وتحل المشاكل وتفكر كالمعتاد؟
ومن المؤسف أن يظن الرجل أو المرأة أن حفظ القران في الصغر فقط ، ولو رأينا الأمثلة في أمتنا لكبار في السن حفظوا القران لتعجبنا
وتذكر أيها الأب وأيتها الأم:
بأن جلوسكم مع أبناءكم والحفظ معهم والتنافس معهم خير وسيلة لتشجيعهم وعدم تكاسلهم.
لن أطيل في هذا العذر
سأكتفي بالقصص في التغريدة القادمة وقارنوا أعمارهم بأعماركم
هل العمر عائق أم أن التعذر بذلك من تلبيس إبليس؟!
٥- التعذر بضعف الذاكرة والاستسلام لذلك قبل البدء بالحفظ وتجربته والصبر عليه والاجتهاد وتفريغ الوقت له
فنصيحتي:
لا تتعذروا بذلك قبل التجربة الجدية والصبر، فكلنا نعلم أن بداية مرحلة الحفظ صعبة لكن يسهل يوما بعد يوم مع التقدم في الحفظ
وإليكم هذه الأمثلة الحية:
أحد الطلاب بدأ بحفظ القران قبل سنوات بسيطة ، وكانت بدايته وجه واحد في يومين إلى ثلاثة وبصعوبة ، واليوم بعد مضي مدة على ذلك وصل إلى ثلاثة أوجه في اليوم ، وقد ختم عشرون جزءا متقنة ، مع العلم بأن عمره لا يتجاوز ١١ سنة
طالب آخر:
أذكر أنه حفظ قبل سنتين سورة الفجر في أربعة أيام، واليوم وصل الى مرحلة أنه يحفظ وجهين إلى ثلاثة يوميا ولله الحمد
وقد ختم ١٦ جزءا متقنة
٦- تعذّر بعض النساء بأنهن مشغولات بأمور البيت والتربية وغيرها
صحيح أنهن مشغولات أكثر من الرجل ومقدرتهن على الحفظ أقل لكن هل سألت المرأة نفسها :
لحضور الأعراس والأسواق والتجمعات والمجالس و.... أجد وقتا
فلماذا لا أجد وقتا لحفظ كلام ربنا؟!!
ألا تجدين ساعة من بين ٢٤ ساعة؟!
أم أن الإنشغال بالقيل والقال والعمل الوظيفي وحضور المجالس والذهاب للأسواق واتباع الموضات والحديث عنه أشغلكم عن كلام ربكم؟!
مثال حي:
امرأة تجاوزت الأربعين من عمرها ولها مشاغلها
بدأت بحفظ القران قبل سنة واليوم أكملت ثمانية أجزاء بإتقان
فماذا ينقصكن عنها؟
٧- ومما أراه في البحرين جليا ولا أدري هل هو عند الجميع
الإنشغال بدراسة التجويد والقراءات والمقامات الصوتية وتزيين الصوت وترك الحفظ
تذكر يا أخي أن يوم القيامة ستكون منزلتك عند آخر آية تقرؤها بحفظك ، وليس عند عدد القراءات التي تقرؤها أو المقامات التي تتقنها ، فلا تُشغل نفسك بهذه الأمور وتتوسع فيها إلا وأنت متقنا لكتاب الله
وننوه هنا بأن تعلم المقامات واستخدامه في قراءة القران حرمه العلماء كإبن باز وغيره
وأصل هذه المقامات من الموسيقى ولكل مقام سلم موسيقي
٨- أخر الأعذار التي أشغلت الناس وأعتبره من آفات الزمن
الإنشغال بدورات البرمجة اللغوية والفكرية والإدارية وتنمية الذات والقدوة وغيرها
ابدأ بحفظ القران ففيه كل ما سبق ، وعليك حفظه بقلب واعٍ وفهم واسع وستجده يغنيك عن كل ما سبق
والحمد لله رب العالمين أسأل الله تعالى أن يسددنا وأن يأيدنا وأن ينفعنا وأن ينفع بنا إنه ولي ذلك والقادر عليه. والصلاة والسلام على من لانبي بعده >>>