بسم الله
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون }
{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تسآءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا}
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً }
أما بعد ... فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار،
1- موقف الإمام عبدالعزبز بن باز رحمه الله.
قال في إجابة سؤال عن حكم الدعوة بالقصص فقال (الفتاوى كتاب الجنائز نشرت في ( مجلة الدعوة ) العدد ( 1445 ) في 26/7/1415 هـ(ويكفي ما جاء في الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، المهم حث الناس على الطاعة والتحذير من المعاصي، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة. أما الحكايات التي قد تثبت أو لا تثبت فتترك).
وقال أيضا (وإنها من أعمال الجهلة والمبتدعة الذين يريدون إشغال العامة بالحكايات والخرافات والأقاويل الباطلة ، ويصرفونهم عن الحق الواضح البين الذي جاء في كتاب الله وسنة رسوله).(الفتاوى-كتاب الصلاة باب أهمية الصلاة- وصدر برقم 2372 / 1 7 / 9 /1401 هـ الصادر من مكتب سماحته)
ان شاء الله
2-موقف الإمام الالباني رحمه الله.
لما ذكر حديث خباب بن الارت عن النبي صلى الله وسلم قال(أن بني اسر أئيل لما هلكوا قصوا) فقال الألباني( ومن الممكن أن يقال إن سبب هلاكهم اهتمام وعاظهم بالقصص والحكايات دون الفقه والعلم النافع الذي يعرّف الناس بدينهم فيحملهم ذلك على العمل الصالح لما فعلوا ذلك هلكوا وهذا شأن كثير من القصاص زماننا الذين جل كلامهم في وعظهم حول الإسرائيليات والرقائق والصوفيات نسال الله العافية) (السلسة الصحيحة 247-248)
وقال أيضا() ولينظر المؤمن العاقل في حال كثير من المسلمين اليوم فقد أصابهم ما أصاب من قبلهم فقد أخلد وعاظهم إلى القصص , وأعرضوا عن العلم النافع والعمل الصالح مصداقاً لقوله عليه السلام ( لتتبعن سنن من قبلكم ...).انتهى ( الجامع 1/410)
3-موقف العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
في (تفسير سورة البقرة 1/184) قال:
(أن من أراد الهداية فليطلبها من الكتب المنزلة من السماء ولا يطلبها من الأساطير وقصص الرهبان وقصص الزهاد وجعجعة المتكلمين والفلاسفة وما أشبه ذلك , بل من الكتب المنزلة السماوية فعلى هذا ما يوجد في كتب الوعظ من القصص عن بعض الزهاد والعباد ونحوهم نقول لكاتبيها وقارئيها : خير لكم أن تبدوا للناس كتاب الله عز وجل وما صح عن رسوله _صلى الله عليه وسلم _ وتبسطوا ذلك وتشرحوه وتفسروه مما ينبغي أن يفهم حتى يكون ذلك نافعا للخلق , لأنه لا طريق للهداية إلى الله إلا ما جاء من عند الله (عز وجل)..
وقال –أيضاً-: «العلم الموروث عن محمد صلوات الله عليه -سواء في كتاب الله أو في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ذلك ما يشفي ويكفي، فلا حاجة إلى أن نبحث عن مواعظ ترقق القلوب من غير الكتاب والسنة، بل نحن في غنى عن هذا كلّه، ففي العلم الموروث عن محمد -صلى الله عليه وسلم- ما يشفي في كل أبواب العلم والإيمان»
4-موقف العلامة صالح الفوزان:
قال: في(الإجابات المهمة في المشاكل الملمة ص183) :
السؤال: هل أيراد القصص أياً كانت على سبيل الدعوة منهج السلف الصالح ؟ أم يقتصر الإنسان على القصص التي وردت في الكتاب و السنة ؟
الجواب : نعم يقتصر الإنسان على ما ورد في القرآن من قصص الأمم السابقة وما ورد في السنة عن الرسول –صلى الله عليه وسلم – في القصص عن الأمم السابقة من أجل الموعظة والاعتبار وما عدا هذا لا يشتغل به ما لم يثبت في الكتاب والسنة ولا يشغل نفسه به ويشغل السامعين.
السؤال:أتخذ بعض الدعاة أسلوباً لهداية الشباب في هذا الوقت وذلك بسرد قصص أصحاب المخدرات وأهل الفجور وعقوق الوالدين وذلك أمام الكثير من الشباب لكي تكون سببا في توبتهم, فهل هذا الفعل سائغ ؟ وهل كان عليه عمل السلف الصالح؟
الجواب:أخشى أن يكون هذا من إشاعة الفاحشة إذا ذكر المخدرات وعقوق الوالدين , ويكفي أن تأتي بالنصوص في النهي عن عقوق الوالدين والوعيد على ذلك والأدلة على تحريم المسكرات والوعيد عليها , والمخدرات أشد من المسكرات , وأنه لا يجوز للإنسان أن يقتل نفسه وأن يتعاطى ما يضر بمصلحته (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) وقال تعالى (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما). يكفي أن يؤتى له بالأدلة من الكتاب والسنة دون أن يؤتى بصور وقصص إما مختلفة وليست صحيحة وإما أنها واقعة ويكون ذكرها من باب إفشاء المنكر... ( الإجابات المهمة في المشاكل الملمة ص192) وقال الشيخ الفوزان أيضا في(الأجوبة المفيدة ص240) (حذر السلف رحمهم الله من القصاص لأنهم في الغالب يتوخون في كلامهم ما يوثر على الناس من القصص والآثار التي لم تصح،ولا يعتمدون على الدليل الصحيح،ولا يعنون في تعليم الناس أحكام دينهم وأمور عقيدتهم ،لأنهم ليس عندهم فقه
وأخرج أحمد في (الزهد) عن أبي المليح قال ذكر ميمون القُصّاص فقال: "لا يخطئ القاصّ ثلاثاً: إما أن يسمن قوله بما يهزل دينه، وإما أن يُعجب بنفسه، وإما أن يأمر بما لا يفعل".
وقال ابن الحاج في (المدخل): "مجلس العلم الذي يُذكر فيه الحلال والحرام واتباع السلف رضي الله عنهم، لا مجالس القُصّاص فإن ذلك بدعة، وقد سئل مالك رحمه الله تعالى عن الجلوس إلى القُصّاص ، فقال: "ما أرى أن يجلس إليهم وإن القَصص لبدعة".
قال محقق (تحذير الخواص) في مقدمته: "يتمثل تأثير القصاص السيئ على العامة في أن حقيقة الإسلام قد شوهت في أذهانهم فاعتقدوا البدعة سنة والسنة بدعة، وأصبحت الأكاذيب عندهم ممزوجة بنصوص الدّين الثابتة... فكان العوام ودعاة الابتداع أبداً معارضين لكل مصلح صادق من الدعاة والعلماء... وآثر فريق من العلماء المسالة فسكتوا خوفاً من القصاص وسلطانهم [على العامة] وإيثاراً للعافية... وترى القصاص رغبة في قبول السامعين لهم يسارعون في ابتغاء مرضاة العامة أكثر من حرصهم على تقويمهم وتعليمهم وأضحى القاص كالمغني [والممثل والمهرّج] لا همّ له إلا إطراب السامعين. إن هؤلاء القصاص قوم مهمتهم الكلام وغايتهم أن يستحوذ على إعجاب السامعين".
والواقع أن دعاة القصص والشعر والفكاهة والتهريج والتّهييج ـ وهم أشهر وأكثر الدعاة اليوم عفا الله عنا وعنهم ـ حوّلوا الموعظة بل وخطبة الجمعة المفروضة إلى ما يشبه برامج (ما يطلبه المستمعون) في الإذاعات العربية لرغبة الأغلبية في الهزل ورغبتهم عن الجد، فقدم القصاص لعامة الناس ما يرضيهم ـ لا ما ينفعهم مما شُرعت الموعظة لتحقيقه في مقابل شهرتهم وإذاعة صيتهم والإقبال على مجالسهم، مما يذكّر بقول الله تعالى عن الضالين والمضلين من الإنس والجن: {رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ} (الأنعام:128).
جنبنا الله وإياهم مصيرهم، وردنا وردهم إلى منهاج النبوة في الدين والدعوة ـ رداً جميلاً.
والحمد لله رب العالمين أسأل الله تعالى أن يسددنا وأن يأيدنا وأن ينفعنا وأن ينفع بنا إنه ولي ذلك والقادر عليه. والصلاة والسلام على من لانبي بعده >>>