بسم الله
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون }
{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تسآءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا}
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً }
أما بعد ... فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار،
بادئ ذي بدء أذكر إخواني بما مَّن الله به عليهم من هذا العمل الجليل والخير الكثير – تعليم كتاب جل وعلا - فلله الحمد أولاً وآخرا وله المنة والفضل ظاهراً وباطناً
ثم أذكرهم بعظم المسؤولية وكبر المهمة فهي مهمة عظيمة وعمل ليس بالهين أو اليسير بل هو عمل فيه مشقة وتعب ونصب ولكن يُذهب ذلك كله تذكر الأجر والثواب ورؤية الثمار في هذه الدار إذ بهذا العمل تظهر النتائج سريعة – كما هو الواقع والمشاهد –
أما الوصايا :
أولاً : أذكرهم بالإخلاص ، والإخلاص هو أس النجاح وأساس الفلاح وحقيقته ( إرادة وجه الله تعالى والدار الآخرة بهذا العمل ) وعمل بلا إخلاص تعب بلا فائدة وصنيع بلا ثمرة وجهد ضائع وعمل خاسر.
فالله الله إخواني في الإخلاص ومجاهدة النفس عليه فالنفس سريعة التفلت قوية التقلب إن لم ينتبه لها صاحبها خسر وهلك ، وإن لاحظها فاز وربح.
قال بعض السلف : ما جاهدت نفسي مجاهدتها على الإخلاص .
ثانياً : التضحية بالوقت في سبيل هذا العمل، فهو يحتاج إلى تفريغ بعض الوقت وترك بعض شهوات النفس وربما لبّس علينا الشيطان أننا نضيع واجبات علينا بسبب التحفيظ والحلقات، ولو نظرنا إلى حقيقة الأمر لوجدنا أن هناك أوقاتاً من حياتنا ضائعة ولكن الشيطان لا يذكرنا بها بل يذكرنا بأهمية الوقت والاهتمام بالأهل عند الأعمال الصالحة فقط .
ولكن معلم القرآن يرتب وقته ويضحي ببعضه لعلمه بعظيم الأجر وكثرة الثواب وتذكر أن من ترك شيئاً لله عوضه الله خيرا منه .
ثالثاً : الاهتمام بالطلبة والحرص عليهم ، فهم كنزك الثمين ، وتجارتك الرابحة ، فلا بد من الاهتمام بتحفيظهم والحرص على هذا الأمر – أعني الحفظ – أكثر من حرصهم عليه ، فربما كانوا صغار السن لا يعرفون قيمة الحفظ ولا عظيم الأجر . ولكن المعلم يدرك ذلك لعلمه بنصوص الشرع ودرجة الحافظين .
رابعاً : الحرص على توجيههم وحثهم على التحلي بأخلاق أهل القرآن ، وثمرته ظهور هذا على سلوك صاحبه فيوجههم للمحافظة على الصلاة وبر الوالدين والإحسان إلى الناس والتحلي بخُلق الصدق والمحبة والإيثار والبعد عن سفساف الأخلاق ومرذول الأعمال .
وكم هي الأمة محتاجة إلى أناس متحلين بآداب القرآن مؤتمرين بأمره منتهين عن نهيه ولا يكون ذلك إلا بالتربية والتوجيه .
خامساً : القدوة الصالحة : فمعلم القرآن الكريم قدوة صالحة لطلابه فلا يُرى منه ما يشين ولا يُسمع منه ما يُعاب ، فنظر طلابه مُسلّطٌ عليه فإياه إياه أن يقع منه ما يُضعف صورته في أعين طلبته .
ومجالات القدوة كثيرة فمنها : المحافظة على الصلاة في أول وقتها ، وحفظ اللسان والجوارح ، والبعد عن مواطن الشبه وأماكن الريب .
فالله الله أخي لا تكن داعية إلى الخير بقولك صاد عنه بفعلك .
سادساً : التحلي بالعلم ، فمعلم القرآن لابد أن يكون متقناً للحفظ عارفاً بالمعنى ملماً بالأحكام التي لا يسعه الجهل بها حتى لو سُئل لم يعي جواباً ولم يحر خطاباً ، ففاقد الشيء لا يُعطيه
سابعاً : لا تكن جسرا يعبر عليك الناس ، احرص أولا على حفظ كتاب الله واتقانه ، ثم ابدأ بتدريسه للطلاب ، ففاقد الشيء لا يُعطيه ، وإياك أن تقدم المهم على الأهم ، فلا تقدم القراءات والمقامات وغيرها من الأمور على حفظ كتاب الله.
ثامناً : اللجوء إلى الله تعالى صباح مساء أن يجري الخير على يديه وأن يجعله سبباً في نشره وأن يجعله مباركاً أين ما كان .
فالله سبحانه وتعالى أكرم من دُعي ، وأجود من أَعطى ، ولا يُعجزه شيء ولا يتعاظمه أمر .
فالجأ يا صاحب القرآن إلى ربك أن يخرج على يديك من يكون مصلحاً لزمانه ، مجدداً ما اندرس من معالم دينه فليس ذلك على بعزيز .
ضع هذا نصب عينيك:
قال أحدهم:
"لا أدع أحدًا يسبقني على تحفيظ الصغار
سورة الفاتحة لأنه سيصلي بها طوال حياته"
ما أرقى هذا النوع من التفكير
أسأل الله لي ولك الهداية والتوفيق والسداد والصواب .
شاكره لكم حسن المتابعه
والحمد لله رب العالمين أسأل الله تعالى أن يسددنا وأن يأيدنا وأن ينفعنا وأن ينفع بنا إنه ولي ذلك والقادر عليه. والصلاة والسلام على من لانبي بعده >>>