بسم الله
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون }
{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تسآءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا}
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً }
أما بعد ... فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار،
حكم الانتماء إلى المذاهب الإلحادية والأحزاب
الجاهلية:
1 - الانتماء إلى المذاهب الإلحادية : كالشيوعية والعلمانية والرأسمالية والليبراليه وغيرها من مذاهب الكفر ردة عن دين الإسلام . فإن كان المنتمي إلى تلك المذاهب يدعي الإسلام فهذا من النفاق الأكبر ، فإن المنافقين ينتمون إلى الإسلام في الظاهر ، وهم مع الكفار في الباطن - كما قال تعالى فيهم : " وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ"... [ البقرة : 14 ] ،
وقال تعالى : " الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ " [ النساء : 141 ]
فهؤلاء المنافقون المخادعون : لكل منهم وجهان : وجه يلقى به المؤمنين ، ووجه ينقلب به إلى إخوانه من الملحدين ، وله لسانان : أحدهما يقبله بظاهره المسلمون ، والآخر يترجم عن سره المكنون : " وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ " [ البقرة : 14 ] ، قد أعرضوا عن الكتاب والسنة استهزاء بأهلهما واستحقارا ، وأبوا أن ينقادوا لحكم الوحيين فرحا بما عندهم من العلم الذي لا ينفع الاستكثار منه إلا شرا واستكبارا . فتراهم أبدا بالمتمسكين بصريح الوحي يستهزئون : " اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } [ البقرة : 15 ] ، [صفات المنافقين رسالة لابن القيم ص 19]
وقد أمر اللّه بالانتماء إلى المؤمنين : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ " [ التوبة : 19 ] .
وهذه المذاهب الإلحادية مذاهب متناحرة ، لأنها مؤسسة على الباطل ،
فالشيوعية تنكر وجود الخالق سبحانه وتعالى ، وتحارب الأديان السماوية ، ومن يرضى لعقله أن يعيش بلا عقيدة ، وينكر البدهيات اليقينية فيكون ملغيا لعقله ،
والعلمانية تنكر الأديان وتعتمد على الماديات التي لا موجه لها ولا غاية لها في هذه الحياة إلا الحياة البهيمية ؟
والرأسمالية همها جمع المال من أي وجه ولا تقيد بحلال ولا حرام ولا عطف ولا شفقة على الفقراء والمساكين . وقوام اقتصادها على الربا الذي هو محاربة للّه ولرسوله والذي هو دمار الدول والأفراد ، وامتصاص دماء الشعوب الفقيرة ،
و الليبرالية هي مذهب رأسمالي ينادي بالحرية المطلقة في السياسة والاقتصاد ، وينادي بالقبول بأفكار الغير وأفعاله ، حتى ولو كانت متعارضة مع أفكار المذهب وأفعاله ، شرط المعاملة بالمثل . والليبرالية السياسية تقوم على التعددية الإيدلوجية والتنظيمية الحزبية . والليبرالية الفكرية تقوم على حرية الاعتقاد ؛ أي حرية الإلحاد ، وحرية السلوك ؛ أي حرية الدعارة والفجور ، وعلى الرغم من مناداة الغرب بالليبرالية والديمقراطية إلا أنهم يتصرفون ضد حريات الأفراد والشعوب في علاقاتهم الدولية والفكرية . وما موقفهم من الكيان اليهودي في فلسطين ، وموقفهم من قيام دول إسلامية تحكم بالشريعة ، ومواقفهم من حقوق المسلمين إلا بعض الأدلة على كذب دعواهم .
وغيرها وغيرها..... ومن وجهة نظري أنه من مضيعه الوقت أن أتكلم عنهم وأعرف بهم والحمدلله الذي عافانا مما ابتلاهم بهم وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا ,يامقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
وأي عاقل - فضلا عمن فيه ذرة من إيمان - يرضى أن يعيش على هذه المذاهب بلا عقل ولا دين ولا غاية صحيحة من حياته يهدف إليها ويناضل من أجلها . إنما غزت هذه المذاهب بلاد المسلمين لما غاب عن أكثريتها الدين الصحيح ، وتربت على الضياع ، وعاشت على التبعية .
2 - والانتماء للأحزاب الجاهلية والقوميات العنصرية هو الآخر كفر وردة عن دين الإسلام ، لأن الإسلام يرفض العصبيات والنعرات الجاهلية يقول تعالى : " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ " [ الحجرات : 13 ] ،
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : « ليس منا من دعا إلى عصبية ، وليس منا من قاتل على عصبية ، وليس منا من غضب لعصبية » [رواه مسلم] ، وقال صلى الله عليه وسلم : « إن اللّه قد أذهب عنكم عُبِّيَّة الجاهلية وفخرها بالآباء ، إنما هو مؤمن تقي أو فاجر شقي ، الناس بنو آدم وآدم خلق من تراب ، ولا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى » [رواه الترمذي وغيره]
وهذه الحزبيات تفرق المسلمين ، واللّه قد أمر بالإجتماع والتعاون على البر والتقوى ، ونهى عن التفرق والاختلاف - قال تعالى : " وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا " [ آل عمران : 103 ] ، إن اللّه سبحانه يريد منا أن نكون حزبا واحدا ، هم حزب اللّه المفلحون
ولكن العالم الإسلامي أصبح بعدما غزته أوروبا سياسيا وثقافيا ، يخضع لهذه العصبيات الدموية والجنسية والوطنية ، ويؤمن بها كقضية علمية وحقيقة مقررة وواقع لا مفر منه . وأصبحت شعوبه تندفع اندفاعا غريبا إلى إحياء هذه العصبيات التي أماتها الإسلام والتغني بها وإحياء شعائرها والافتخار بعهدها الذي تقدم على الإسلام ، وهو الذي يلح الإسلام على تسميته بالجاهلية . وقد من اللّه على المسلمين بالخروج عنها وحثهم على شكر هذه النعمة .
والطبيعي من المؤمن أن لا يذكر جاهلية تقادم عهدها أو قارب إلا بمقت وكراهية وامتعاض واقشعرار . وهل يذكر السجين المعذب الذي يطلق سراحه أيام اعتقاله وتعذيبه وامتهانه إلا وعرته قشعريرة . وهل يذكر المعافى من علة شديدة طويلة أشرف منها على الموت أيام سقمه إلا وانكسف باله وانتقع لونه [من رسالة : ( ردة ولا أبا بكر لها ) لأبي حسن الندوي ] والواجب أن يعلم أن هذه الحزبيات عذاب بعثه اللّه على من أعرض عن شرعه وتنكر لدينه كما قال تعالى : " قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ "
[ الأنعام : 65 ] ، وقال صلى الله عليه وسلم : « وما لم تحكم أئمتهم بكتاب اللّه إلا جعل اللّه بأسهم بينهم » [من حديث رواه ابن ماجه] إن التعصب للحزبيات يسبب رفض الحق الذي مع الآخرين كحال اليهود الذين قال اللّه فيهم : " وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ "[ البقرة : 91 ] ، وكحال أهل الجاهلية الذين رفضوا الحق الذي جاءهم به الرسول صلى الله عليه وسلم
تعصباَ لما عليه آباؤهم : " وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا " [ البقرة : 170 ] . ويريد أصحاب هذه الحزبيات أن يجعلوها بديلة عن الإسلام الذي منَّ اللّه به على البشرية .
والحمد لله رب العالمين أسأل الله تعالى أن يسددنا وأن يأيدنا وأن ينفعنا وأن ينفع بنا إنه ولي ذلك والقادر عليه. والصلاة والسلام على من لانبي بعده >>>