بسم الله
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون }
{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تسآءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا}
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً }
أما بعد ... فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار،
قبول دعوة المظلوم على الظالم:
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: ((واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب))
أخرجه البخاري في المظالم، باب: الاتقاء والحذر من دعوة المظلوم (2448)، ومسلم في الإيمان (19) مطولاً.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الولد على ولده))
أخرجه أحمد في المسند (2/523)، وأبو داود في الصلاة، باب: الدعاء بظهر الغيب (1536)، والترمذي في الدعوات، باب: ما ذكر في دعوة المسافر (3448)، وابن ماجه في الدعاء، باب: دعوة الوالد ودعوة المظلوم (3862)، وحسنه الترمذي، والألباني في السلسلة الصحيحة (596)
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه استعمل مولى له ـ يدعى هنيء ـ على الحمى، فقال: (يا هنيء، اضمم جناحك عن المسلمين، واتق دعوة المسلمين، فإن دعوة المظلوم مستجابة)
أخرجه مالك في الموطأ: كتاب الجامع، باب: ما يتقى من دعوة المظلوم (1890)، والبخاري في الجهاد، باب: إذا أسلم قوم في دار الحرب (3059)
قال ابن عثيمين: "فيه دليل على أن دعوة المظلوم مستجابة لقوله: ((فإنه ليس بينها وبين الله حجاب)).
وفيه دليل على أنه يجب على الإنسان أن يتقي الظلم ويخاف من دعوة المظلوم، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بذلك"
شرح رياض الصالحين (4/623).
ومن آثار الظلم
حرمان الهداية والتوفيق:
قال تعالى: {إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} [القصص:50].
وطلب هداية التوفيق من الأدعية التي أوجبها الله علينا في أعظم مقام نقف فيه بين يدي الله عز وجل، وهو في الصلاة، حيث نقول في كل ركعة: {ٱهْدِنَا ٱلصّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ}. فالظلم ـ أعاذنا الله منه ـ يكون سبباً لحرمان هداية التوفيق، وهذا يستلزم البعد عن مقامات الظلم حتى يستجيب الله دعاءنا في صلاتنا
حرمان حبّ الله تعالى:
قال تعالى: {إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّـٰلِمِينَ} [الشورى:40].
قال ابن سعدي: "أي: الذين يجنون على غيرهم ابتداء، أو يقابلون الجاني بأكثر من جنايته، فالزيادة ظلم"
حلول المصائب في الدنيا والعذاب في القبر:
قال تعالى: {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} [الطور:47].
قال ابن سعدي: "لما ذكر الله عذاب الظالمين في القيامة أخبر أن لهم عذاباً دون عذاب يوم القيامة، وذلك شامل لعذاب الدنيا بالقتل والسبي والإخراج من الديار، ولعذاب البرزخ والقبر"
العذاب الأليم:
قال تعالى: {إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَظْلِمُونَ ٱلنَّاسَ وَيَبْغُونَ فِى ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقّ أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الشورى:42].
قال ابن سعدي: "أي: إنما تتوجه الحجة بالعقوبة الشرعية {عَلَى ٱلَّذِينَ يَظْلِمُونَ ٱلنَّاسَ وَيَبْغُونَ فِى ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقّ}، وهذا شامل للظلم والبغي على الناس في دمائهم وأموالهم وأعراضهم، {أُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي: موجع للقلوب والأبدان، بحسب ظلمهم وبغيهم"
خذلان الظالم عند الله تعالى:
قال تعالى: {مَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر:18].
قال ابن عثيمين: "أي: أنه يوم القيامة لا يجد الظالم حميماً، أي: صديقاً ينجيه من عذاب الله، ولا يجد شفيعاً يشفع له فيطاع، لأنه منبوذ بظلمه وغشمه وعدوانه"
وقال تعالى: {وَمَا لِلظَّـٰلِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} [البقرة:270].
قال ابن عثيمين: "يعني: لا يجدون أنصاراً ينصرونهم ويخرجونهم من عذاب الله سبحانه"
والحمد لله رب العالمين أسأل الله تعالى أن يسددنا وأن يأيدنا وأن ينفعنا وأن ينفع بنا إنه ولي ذلك والقادر عليه والصلاة والسلام على من لانبي بعده