العقيقة : هى الذبيحة التي تذبح عن المولود. وأصل العق : الشق والقطع. وقيل للذبيحة عقيقة، لأنها يشق حلقها.
وكانت العقيقة معروفة عند العرب قبل الإسلام ، فكان أهل الجاهلية يخضبون قطنة بدم العقيقة ، فإذا حلقوا الصبي وضعوها على رأسه ، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعلوا مكان الدم خلوقا ، يعني مشقهما : وضع على رأسهما طين مشق ، مثل الخلوق . وقيل لما جاء الإسلام أمر بذبح الشاة وحلق رأس المولود ودهنه بالزعفران .
كما فى حديث أبي بريدة عند أبى داود بسند صحيح قال : كنا في الجاهلية إذا ولد لأحدنا غلام ذبح شاة ولطخ رأسه بدمها فلما جاء الله بالإسلام كنا نذبح شاة ونحلق رأسه ونلطخه بزعفران .
وسميت العقيقة : باسم الشعر الذى على رأس الصبى حين يولد ، لأنه يحلق عند الذبح ، وكذلك الحيوان حين يولد يسمى شعره عقيقة .
والأصل فيها
ما جاء فى صحيح البخارى من حديث سلمان بن عامر الضبي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دما وأميطوا عنه الأذى " .
واختلف الفقهاء فى حكمها على ثلاثة أقوال :
الأول : فى مسائل ثلاث :
المسألة الأولى :أنها مكروهة، كما ورد فى الموطأ والمسند عن زيد بن أسلم عن رجل من بني ضمرة عن أبيه أنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العقيقة فقال لا أحب العقوق وكأنه إنما كره الاسم وقال من ولد له ولد فأحب أن ينسك عن ولده فليفعل
والمسألة الثانية : أن اليهود تعق عن الغلام ولا تعق عن الجارية .
كما عند البيهقى ــ بسند ضعيف ــ عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن اليهود تعق عن الغلام ولا تعق عن الجارية فعقوا عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة " .
والمسألة الثالثة : لأنها من فعل أهل الكتاب فلا يجوز فعلها وقد نهى الرسول صلى الله عليه وسلم فاطمة رضى الله عنها أن تعق عن الحسن.
فعند أحمد فى المسند والبيهقى فى السنن والطبرانى فى المعجم الكبير بسند حسنه الهيثمى فى مجمع الزوائد من حديث أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أن الحسن بن علي لما ولد أرادت أمه فاطمة أن تعق عنه بكبشين فقال لا تعقي عنه ولكن احلقي شعر رأسه ثم تصدقي بوزنه من الورق في سبيل الله ثم ولد حسين بعد ذلك فصنعت مثل ذلك " .
وقد بينا فى الحديث الأول أن النبى صلى الله عليه وسلم كره اسمها ولم يكره فعلها .
وفى الحديث الثانى أن النبى صلى الله عليه وسلم ما كره من اليهود إلا تفرقتهم بين الغلام والأنثى ، حيث لم يعقوا عنها ــ وإن كان الحديث ضعيفا كما بينا ــ .
وفى المسألة الثالثة : بأنها من فعل أهل الكتاب ولا يصح أن نقول أن النهى أتى لمجرد مخالفتهم فى ذلك وقد ثبت عند البخارى من حديث سلمان بن عامر الضبي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دما وأميطوا عنه الأذى " .
الثاني : أنها سنة ، وبه قال أهل الحديث وجمهور الفقهاء ، فعند الترمذى بسند صحيح عن سمرة بن جندب قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الغلام مرتهن بعقيقته يذبح عنه يوم السابع ويسمى ويحلق رأسه ". قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أهل العلم يستحبون أن يذبح عن الغلام العقيقة يوم السابع فإن لم يتهيأ يوم السابع فيوم الرابع عشر فإن لم يتهيأ عق عنه يوم حاد وعشرين وقالوا لا يجزئ في العقيقة من الشاة إلا ما يجزئ في الأضحية .
ومعنى مرتهن بعقيقته : قال الخطابي : اختلف الناس في هذا ، وأجود ما قيل فيه ما ذهب إليه أحمد بن حنبل قال هذا في الشفاعة ، يريد أنه إذا لم يعق عنه فمات طفلا لم يشفع في أبويه ، وقيل معناه أن العقيقة لازمة لا بد منها ، فشبه المولود في لزومها وعدم انفكاكه منها بالرهن في يد المرتهن ، وهذا يقوي قول من قال بالوجوب ، وقيل المعنى أنه مرهون بأذى شعره ولذلك فأميطوا عنه الأذى انتهى .
والذي نقل عن أحمد قاله عطاء الخراساني أسنده عنه البيهقي وأخرج ابن حزم عن بريدة الأسلمي قال : إن الناس يعرضون يوم القيامة على العقيقة كما يعرضون على الصلوات الخمس ، وهذا لو ثبت لكان قولا آخر يتمسك به من قال بوجوب العقيقة . قال ابن حزم : ومثله عن فاطمة بنت الحسين . راجع تحفة الأحوذى
الثالث : أنها واجبة وبه قال أكثر أهل العلم .
والسنة أن يعق عن الغلام بشاتين وعن الأنثى بواحدة للحديث الذى رواه الترمذى بسند صحيح عن أم كرز : " أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العقيقة فقال عن الغلام شاتان وعن الأنثى واحدة ولا يضركم ذكرانا كن أم إناثا ".
قال العلماء : إن البنت كانت على النصف من الولد تشبيها للعقيقة بالدية .
وقالوا : إن أصل العقيقة يتأدى عن الغلام بشاة ، لأن النبى صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن الذى ولد عام أحد بكبش ، وعن الحسين الذى ولد بعده بعام بكبش.لحديث عبد بن عباس عند أبى داود بسند صحيح : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين كبشا كبشا ". والأكمل الأتم : شاتان للولد وللأنثى شاة لحديث
أم كرز المتقدم .
والحكمة فى مشروعية العقيقة : أنها من باب الإحسان ، وأنها قربة إلى الله ، يرجى بها نفع المولود بدعاء الفقراء له عندما يطعمون منها.
وهى أيضا : شكر لله على نعمة الولد ، فالذرية محبوبة طبعا ومطلوبة شرعا ، بشر الله بها إبراهيم وزكريا عليهما السلام .
وفيها أيضا : إشهار للمولود ليعرف نسبه وتحفظ حقوقه ، وهى كفدية عنه ، تشبها بفداء إسماعيل الذبيح بالذبح العظيم .
وقال فقهاؤنا : أنه لو اجتمع يوم النحر مع يوم العقيقة يمكن الاستغناء بذبيحة واحدة عنهما إذا اجتمع يوم عيد مع يوم جمعة ، فإنه يكفى غسل واحد لهما ، وتنوب صلاة العيد عن الجمعة إذا اجتمعا كذلك .
الخلاصــــــــــــــــــــــة
(1) أن العقيقة :هى الذبيحة التي تذبح عن المولود.
(2) أن العقيقة واجبة : فكل مولود مرتهن بعقيقته .
(3) أن يعق عن الولد شاتين وعن الأنثى شاة .
(4) أنها من باب الإحسان وأنها قربة إلى الله .
هذا والله عز وجل أعلى وأعلم