الدرس العشرون
شرح الثلاثة أصول
للإمام المجدد
محمد بن عبد الوهاب
ترجمةالشارح
فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
(رحمة الله عليه)
بسم الله
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون }
{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تسآءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا}
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً }
أما بعد ... فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار،
توقفنا في درسنا السابق
حديث جبرائيل المشهور عن عمر رضي الله عنه قال : بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً" قال: صدقت ، فعجبنا له يسأله ويصدقه. قال: فأخبرني عن الإيمان، قال : "أن تؤمن بالله وملائكته ، وكتبه ، ورسله، واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره" ، قال: صدقت ، قال: فأخبرني عن الإحسان ، قال: "أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك" ، قال : فأخبرني عن الساعة ، قال ما المسئول عنها بأعلم من السائل ، قال : فأخبرني عن أماراتها قال: "أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاءِ يتطاولون في البنيان" قال: فمضى فلبثنا ملياً فقال: "ياعمر أتدري من السائل"؟ قلت : الله ورسوله أعلم، قال: "قال هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم".
واليوم نكمل ان شاء الله
الأصل الثالث : معرفة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم وهو : محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم وهاشم من قريش، وقريش من العرب، والعرب من ذرية إسماعيل، إبن إبراهيم الخليل، عليه وعلى نبينا
أي من الأصول الثلاثة التي يجب على الإنسان معرفتها وهي معرفة العبد ربه ، ودينه ، ونبيه.وقد سبق الكلام على معرفة العبد ربه ودينه.
وأما معرفة النبي صلى الله عليه وسلم فتتضمن خمسة أمور:
الأول : معرفته نسباً فهو أشرف الناس نسباً ، نسباً فهو هاشمي قرشي عربي فهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم إلى آخر ما قاله الشيخ رحمه الله.
الثاني : معرفة سنه ، ومكان ولادته ، ومهاجره وقد بينها الشيخ بقوله: "وله من العمر ثلاث وستون سنة ، وبلده مكة ، وهاجر إلى المدينة" فقد ولد بمكة وبقي فيها ثلاثا وخمسين سنة ، ثم هاجر إلى المدينة فبقي فيها عشر سنين ، ثم توفي فيها في ربيع الأول سنة إحدى عشر بعد الهجرة.
الثالث: معرفة حياته النبوية وهي ثلاث وعشرون سنة فقد أوحي إليه وله أربعون سنة كما قال أحد شعرائه:
وأتت عليه أربعون فأشرقت شمس النبوة منه في رمضان
الرابع: بماذا كان نبياً ورسولاً ؟ فقد كان نبياً حين نزل عليه قول الله تعالى: )اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإنسان مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإنسان مَا لَمْ يَعْلَمْ) (العلق:1 - 5) ،
ثم كان رسولاً حين نزل عليه قوله تعالى: )يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ* قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ * وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ* وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ) (المدثر:1 - 7) ،
فقام صلى الله عليه وسلم فأنذر وقام بأمر الله عز وجل.
والفرق بين الرسول والنبي كما يقول أهل العلم: أن النبي هو من أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه، والرسول من أوحى الله إليه بشرع وأمر بتبليغه والعمل به فكل رسول نبي ، وليس كل نبي رسولاً.
الخامس: بماذا أرسل ولماذا؟
فقد أرسل بتوحيد الله تعالى وشريعته المتضمنة لفعل المأمور وترك المحظور ، وأرسل رحمة للعالمين لإخراجهم من ظلمة الشرك والكفر والجهل إلى نور العلم والإيمان والتوحيد حتى ينالوا بذلك مغفرة الله ورضوانه وينجوا من عقابه وسخطه.
عليه أفضل الصلاة والسلام . وله من العمر: ثلاث وستون سنة ، منها أربعون قبل النبوة ، وثلاث وعشرون نبياً ورسولاً ، نبيء بإقرأ . وارسل بالمدثر ، وبلده مكة ، وهاجر إلى المدينة.
بعثه الله بالنذارة عن الشرك ، ويدعو إلى التوحيد أي ينذرهم عن الشرك ويدعوهم إلى توحيد الله عز وجل في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته.
والدليل قوله تعالى: )يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ النداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
* قُمْ فَأَنْذِرْ يأمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقوم بجد ونشاط وينذر الناس عن الشرك ويحذرهم منه وقد فسر الشيخ هذه الآيات. * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ * وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ* وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ) (المدثر:1 - 7)
ومعنى } قم فأنذر { : ينذر عن الشرك ويدعو إلى التوحيد . } وربك فكبر { أي : عظمه بالتوحيد، } وثيابك فطهر { أي : طهر أعمالك عن الشرك. } وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ { الرجز: الأصنام وهجرها تركها ، والبراءة منها وأهلها.
أخذ على هذا عشر سنين يدعو إلى التوحيد...أي أن النبي صلى الله عليه وسلم بقي عشر سنين يدعو إلى توحيد الله عز وجل وإفراده بالعبادة سبحانه وتعالى ,.
والحمد لله رب العالمين أسأل الله تعالى أن يسددنا وأن يأيدنا وأن ينفعنا وأن ينفع بنا إنه ولي ذلك والقادر عليه. والصلاة والسلام على من لانبي بعده >>>