بسم الله
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،
أسئلة وأجوبه عن سجود التلاوه [ للشيخ إبن عثيمين رحمه الله ]
سئل فضيلة الشيخ بن عثيمين عن حكم سجود التلاوة؟ وهل هو واجب؟
فأجاب فضيلته بقوله: سجود التلاوة سنة مؤكدة لا ينبغي تركها، فإذا مر الإنسان بآيت سجدة فليسجد سواء كان يقرأ في المصحف، أو عن ظهر قلب، أو في الصلاة، أو خارج الصلاة.
وأما الواجب فلا يجب ولا يأثم الإنسان بتركه؛ لأنه ثبت عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – أنه قرأ السجدة التي في سورة النحل على المنبر، فنزل وسجد، ثم قرأها في الجمعة الأخـرى فلم يسجد، ثم قال: "إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء"[ رواه البخاري
ولأنه ثبت أن زيد بن ثابت قرأ على النبي السجدة التي في سورة النجم فلم يسجد[متفق عليه، رواه البخاري ، ومسلم في المساجد باب: سجود التلاوة ، ولو كان واجباً لأمره النبي أن يسجد.
فهو سنة مؤكدة والأفضل عدم تركه حتى لو كان في وقت النهي بعد الفجر مثلاً، أو بعد العصر؛ لأن هذا السجود له سبب، وكل صلاة لها سبب فإنها تفعل ولو في وقت النهي، كسجود التلاوة، وتحية المسجد، وما أشبه ذلك
سئل فضيلة الشيخ بن عثيمين : هل يجب على المرأة إذا أرادت أن تسجد للتلاوة أن تكون متحجبة حجاب الصلاة؟
فأجاب فضيلة الشيخ بقوله: هذا ينبني على اختلاف العلماء في سجدة التلاوة: هل حكمها حكم الصلاة؟
فإن قلنا: حكمها حكم الصلاة فلابد فيها من ستر العورة، واستقبال القبلة، والطهارة.
وإن قلنا: إنها سجدة مجردة لا يشترط فيها ما يشترط في الصلاة، فإنه لا يشترط فيها في هذه الحال أن تكون المرأة متحجبة حجاب الصلاة، بل ولا أن يكون الإنسان على وضوء.
ولكن لا شك أن الأحوط الأخذ بالقول الأول وأن لا يسجد الإنسان إلا على وضوء، وأن تكون المرأة والرجل أيضاً ساتراً ما يجب ستره في الصلاة.
سئل فضيلة الشيخ بن عثيمين : هل تشترط الطهارة في سجدة التلاوة؟ وما وهو اللفظ الصحيح لهذه السجدة؟
فأجاب فضيلته بقوله: سجدة التلاوة هي السجدة المشروعة عند تلاوة الإنسان آية السجدة والسجدات في القرآن معروفة، فإذا أراد أن يسجد كبر وسجد وقال: (سبحان ربي الأعلى)[ ورد في نهاية حديث حذيفة الذي رواه مسلم، وتقدم تخريجه ص159.] ، (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي)[ متفق عليه من حديث عائشة، رواه البخاري ، ومسلم في الصلاة باب: ما يقال في الركوع والسجود ، (اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه، وصوره، وشق سمعه بحوله وقوته)[ جزء من حديث علي الطويل، رواه مسلم في صلاة المسافرين ورواه أبو داود وصححه.] ، (اللهم اكتب لي بها أجراءً وحط عني بها وزراً واجعلها لي عندك ذخراً وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود)[ رواه الترمذي وحسنه.]. ثم يرفع بدون تكبير ولا سلام، إلا إذا كانت السجدة في أثناء الصلاة مثل أن يقرأ القارئ آية فيها سجدة وهو يصلي فيجب عليه أن يكبر إذا سجد ويجب عليه أن يكبر إذا قام؛ لأن الواصفين لصلاة النبي ذكروا أنه يكبر كلما خفض ورفع[متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، رواه البخاري ومسلم ] وهذا يشمل سجود صلب الصلاة، وسجود التلاوة.
وأما ما يفعله بعض الناس من كونه يكبر إذا سجد، ولا يكبر إذا قام من السجود في نفس الصلاة فلا أعلم له وجهاً من السنة، ولا من أقوال أهل العلم أيضاً.
وأما قول السائل: هل تشترط الطهارة في سجود التلاوة؟
فهذا موضع خلاف بين أهل العلم: فمنهم من قال:إنه لابد أن يكون على طهارة.
ومنهم من قال: إنه لا يشترط وكان ابن عمر – رضي الله عنهما – يسجد على غير طهارة.
ولكن الذي أراه أن الأحوط أن لا يسجد إلا وهو على وضوء.
سئل فضيلة الشيخ بن عثيمين : إذا سجد الإمام سجدة التلاوة، ولكن المصلين خلفه لم ينتبهوا لذلك فركع بعضهم ولم يسجد مع إمامه ولم يتنبه إلا بعد أن رفع الإمام من سجدته، ويكون بذلك قد أضاف شيئاً جديداً وهو الركوع فما الحكم؟
فأجاب فضيلته بقوله: لقد ورد عليّ سؤال بعكس هذه المسألة فركع الإمام وسجد المأموم.
والسؤال: سجد الإمام وركع المأموم، فهذا الذي ركع وإمامه ساجد كيف يتبين له أن الإمام ساجد ولم يركع؟ إذا قام الإمام من السجود سيقول: الله أكبر، فلما قام الإمام من السجود وقال: الله أكبر، عرف المأموم أن الإمام ساجد فماذا يصنع؟
يقوم تبعاً للإمام.
ولكن هل يجب عليه السجود؛ لأن الإمام سجد، أو لا يجب؟
لا يجب عليه السجود؛ لأن هذا السجود ليس واجباً في الصلاة، إنما هو سجود تلاوة، يجب فيه متابعة الإمام، ومتابعة الإمام الآن زالت، فعلى هذا يستمر مع إمامه وينحل الإشكال.
الصورة الثانية: يقول السائل: إن الإمام قرأ {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} ثم قال: الله أكبر. ظن المأموم أنه سجد فسجد لماذا؟ لقوله: {وكن من الساجدين} ولكن الإمام ركع فلما قال: "سمع الله لمن حمده" انتبه المأموم، فماذا يصنع هذا المأموم؟
والجواب: يركع المأموم ويتابع إمامه؛ لأن تخلف المأموم هنا عن الإمام كان لعذر فسومح فيه، وأمكنه متابعة الإمام فيما بقي من صلاته.
سئل فضيلة الشيخ بن عثيمين: ماذا أفعل إذا قرأت سورة فيها سجدة، وأنا أصلي خلف الإمام؟
فأجاب فضيلته بقوله: لا تسجد لأن متابعة الإمام واجبة، وسجود التلاوة سنة، وفي حال كون الإنسان مأموماً لا يجوز له أن يسجد، فإن سجد متعمداً مع علمه بأن ذلك لا يجوز بطلت صلاته.
سئل فضيلة الشيخ بن عثيمين: ما حكم استقبال القبلة والوضوء لسجود التلاوة مع الأدلة حفظكم الله؟
فأجاب فضيلته بقوله: ليس في هذا أدلة واضحة صريحة، ومن ثم اختلف العلماء هل حكمها حكم صلاة النافلة أو هي سجود مجرد، إن سجد على طهارة فهو أكمل وإلا فلا.
والذي يظهر لي أنه لا يسجد إلا متطهراً مستقبلاً القبلة؛ لأن ذلك أحوط وأبلغ في تعظيم الله عز وجل، ولم يرد عن النبي شيء بين في أنه سجد إلىغير القبلة أوسجد على غير وضوء، بل الظاهر من حال الرسول أنه لا يقرأ القرآن إلا متوضئاً؛ لأنه لما سلم عليه الرجل لم يرد عليه السلام حتى تطهر بالتيمم[الحديث متفق عليه
سئل فضيلة الشيخ بن عثيمين: إذا قرأ الطلبة في المدرسة آية فيها سجدة ولم يسجدوا فهل في ذلك حرج؟ وما هو الأولى في حقهم السجود أو عدمه؟
فأجاب فضيلته بقوله: ليس في ذلك حرج؛ لأن سجود التلاوة ليس أمراً واجباً، بل هو سنة إن فعله الإنسان فهو أفضل، وإن لم يفعله فلا حرج عليه.
وأما فعله مع الطلبة فقد يكون في ذلك تشويشاً أو انقطاعاً للدرس، وكذلك قد يكون فيه لعب وضحك، فالأولى أن لا يفعل ذلك، نعم لو كان الطلبة في مسجد وكانوا مؤدبين وقرأ القارئ سجدة فسجد وسجدوا معه كان هذا طيباً، والله أعلم.
سئل فضيلة الشيخ بن عثيمين : عن إمام قرأ قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} ثم ركع فظن بعض المأمومين أنه سجد ولم ينتبهوا أنه راكع حتى قال سمع الله لمن حمده، السؤال كيف يصنع المأموم في مثل هذه الحال؟
فأجاب فضيلته بقوله: عليه أن يقوم من السجود ويركع ويتابع إمامه؛ لأن تخلف المأموم هنا عن الإمام كان لعذر فسومح فيه، وأمكنه متابعة الإمام فيما بقي من صلاته ولا يلزمه سجود السهو.
والحمد لله رب العالمين أسأل الله تعالى أن يسددنا وأن يأيدنا وأن ينفعنا وأن ينفع بنا إنه ولي ذلك والقادر عليه. والصلاة والسلام على من لانبي بعده >>>